اختيار الأهداف تقنية لرفع مستوى الوعي الفردي بقلم سيمون إبراهيم
تُرى كم هو راضٍ الإنسان المعاصر عن أهدافه؟
وهل الهدف الذي يصبو إليه، هو الأنسب والأفضل لينعم بالسعادة؟
قد تتشابه الأهداف لدى السواد الأعظم من البشر، أو تتكرر، أو تدور في فلك الحياة المعيشية الأفقية، وعمودها الفقري الوفرة المادية…
بعض الأهداف قد تفتقر الى الرؤيا الباطنية التي ترفع الإنسان عموديًّا، فتحثه على الغوص في باطن نفسه، حيث مكمن العلل، ومنبع الحلول.
فعلى سبيل المثال لا الحصر:
- هل الزواج من دون الحبّ الواعي، يعتبر هدفًا؟
- هل تربية الأبناء على الكفاح المادي، لرفع مستوى معيشتهم الحياتية فقط، يعتبر هدفًا جوهريًّا؟
ألا تبدو الأهداف المذكورة، أقرب إلى المكاسب الحياتية منها إلى الأهداف التي تساهم في رفع مستوى الوعي الفردي كأهداف إنسانية، باطنية؟
في مفهوم علم الوعي-الإيزوتيريك، يبدأ تطوير الأهداف مع اقتراب الإنسان من داخله، والتوغل في باطن نفسه، للولوج إلى عمقه الوجداني. فهناك تنمو الصفات الإنسانية الخيرة، كالصدق، الضمير والسلام الداخلي… هي المساحة التي تتيح للإنسان التمعن في أساس تكوينه، لإستخلاص نوعية الحياة، التي تجعله ينعم بالوعي ويتنعم بالسعادة…
فالإنسان مخلوق مسالم في أساس تكوينه، يطوي في باطنه سلوكيات إيجابية أصيلة، ما عليه إلّا أن يغوص إلى عمق كيانه لاستخراجها… كالهدوء، السكينة، الفكر الألمعي والسلام الداخلي.
بعد قراءاتي المتعمقة في سلسلة مؤلفات الإيزوتيريك، أو علم باطن الإنسان، ومن خلال التطبيق العملي لمنهج علم الإيزوتيريك والتقنيات المعرفية التي يقدمها هذا العلم النبيل، استخلصتُ نتيجة الخبرة بعض النقاط التي من شأنها أن ترفع من قيمة هدف الفرد إنسانيًّا. أذكر منها ما يلي:
- العمل على اقتلاع الصفات السلبية المتجذرة في النفس، تلك التي تعيق تطور الساعي الى الارتقاء في الوعي.
- السعي إلى فهم السبب قبل النتيجة. فالولوج إلى عمق الأسباب، يسهل فهم النتائج ومعالجتها.
- الثقة بالنفس، وبمقدرة الإنسان أو مقدراته الباطنية.
- اعتراف الإنسان بأنّه سيّد نفسه ومصيره، والإقرار بأنّ نوعية الحياة التي يعيشها ومستواها، هي صنيعة أفكاره، أفعاله، ومسلكياته.
هذا وكما للإنسان الفرد أهدافًا وجدانية، كذلك للحضارة (أو الحضارات) الإنسانية أهداف أيضًا. فقد عمل إنسان العصور القديمة جاهدًا وكافح إلى حدّ الاستماتة في سبيل تأمين لقمة العيش، فهذا الجهاد كان هدفه الأمثل. فيما هدف الإنسان المعاصر تحصيل العلم والثقافة، وتطوير وتطويع الأدوات المادية لخدمته. فمع كلّ هذا التطور الذي حققه الإنسان المعاصر، هو لا يزال عاجزًا عن معالجة المشاكل والمعضلات الإنسانية، الإجتماعية والطبيعية التي تواجهه. كالقلق، الخوف، غياب الحبّ، وبناء العائلة المتلاحمة. ناهيكم عن الأمراض النفسية والجسدية، والأوبئة والحروب والكوارث .
والسؤال المطروح، ما هو المطلوب، من الإنسان الحالي؟ وما هو الهدف، الذي يجب أن يعمل على تحقيقه؟
من خلال تجربتي في تطبيق مبادىء علم الإيزوتيريك، الذي قدّم تقنية «اِعرف نفسك» في منهج تطبيقي عملي، (من خلال منشوراته التي فاقت المئة مؤلّف حتى تاريخيه، بقلم الدكتور جوزيف ب. مجدلاني (ج ب م))، يبدو لي من المهم، إن لم يكن من الملحّ، أن تنكبّ البشرية على السعي والنضال في سبيل تحقيق الوعي… فالوعي سيغدو هدف الإنسانية الأوحد، من خلال البحث والتعمّق في خفايا النفس البشرية وطواياها. فهناك تكمن الأسباب التي على أساسها تنمو حياتنا اليومية وترتقي.
فالسلام، الحبّ، المحبّة، الوعي، الخير… هي مَلَكات لا تتحقق نظريًا، كونها صفات إيجابية تتدفّق من الباطن كالينابيع، بعد أن تُزال السلبيات من أعماق النفس… فالوعي هو الهدف المحوري لإنسانية المستقبل، مقتضياته ستُلزم الإنسان إجراء تغيير شامل لقواعد الحياة الهشّة واستبدالها بمعادلات جديدة، قوامها دراسة التفاصيل النفسية، الحياتية والمادية، وإجراء اختبارات باطنية متعددة، لاختيار الأفضل والأنسب من كل ما يحيط بالإنسان ويحيق به.
فهدف إنسان المستقبل سيبدأ الآن، وهو إنسان الفعل وليس ردّة الفعل، كما عرّفه كتاب الإيزوتيريك السابع والأربعين، بعنوان: «رسول عصر الدلو» بقلم الدكتور جوزيف ب. مجدلاني (ج ب م).