بقلم الأستاذة لبنى نويهض
في الأعياد، تعمق عادة النظرة التفاؤلية الإيجابية إلى الحياة ويُطلق العنان للأماني والآمال… وحتى الروابط البشرية تتشابك وتقوى وعيًا أم لاوعيًا من سكان المعمورة. ولعلّ من أجمل ما يتبادله البشر مع حلول عام جديد هي عبارة ”كلّ عام وأنتم بخير“… فهل أجمل من أن يتمنى الإنسان لأخيه الإنسان أن يكون بخير؟ وهل يمكن للمرء أن يكون بخير إن لم يكن الخير التربة الخصبة لسلامة جسده وسلامة صحته الفكرية والمشاعرية؟!
للأمل فعل السحر في الكيان
في هذا الزمن الذي بلغت فيه الحروب والصراعات ذروتها، قد تحمل عبارة ”كلّ عام وأنتم بخير“ للبعض أملًا فارغًا. لكن لطالما كان للأمل ”فعل السحر في الكيان“، كما يذكر مؤسّس علم الإيزوتيريك في لبنان والعالم العربي، الدكتور جوزيف ب. مجدلاني (المعلّم ج ب م) في كتابه ”مئة يوم مع معلّم حكيم“ (الطبعة الخامسة، ص 192)… وفعل السحر هذا يرتبط دومًا بالتطبيق العملي الصادق، إذ إنّ ”الأمل من دون العمل أشبه بصلاة تتمتمها الشفاه ولا تعبّر عنها القلوب!“ (كتاب ”هكذا تعرّفت إلى درب المجد“، بقلم ج ب م، الغلاف الخلفي).
الأعياد محطات تقييم وتقويم…
أمل الإنسان في أن يكون العام الجديد مليئًا بالخير والسعادة للآخرين هو أمنية قد تتحقق أو لا تتحقق لأنّها تعتمد على إرادة الغير. ففي علم الإيزوتيريك الإنسان-الفرد هو المحور، والتغيير والتطور ينطلق دومًا من المحور لينعكس في كلّ شيء خارجه. بالتالي، لربما تكون الأعياد محطات للوقوف أمام الذات لتقييم وتقويم الصحة الجسدية والمشاعرية والفكرية… تقويم المسلكيات، والروابط العائلية والاجتماعية والعملية، الطموحات والتطلعات المستقبلية…
صحيح أنّ الواقع الآني مرير، لكن تمنيات المرء بالخير والسلام والسعادة تبقى مرتبطة بثقته بالخير في هذا العالم، وبموقعه الفاعل والمؤثر في هذا الإطار والإصرار على توجيه الإرادة الفردية في سبيل تفعيل الحسّ الإنساني في النفس… ودومًا من المحور- الفرد، إذ إنّ ”في مقدور الأمنية أن تكون وسيلة لوعي الخير عمليًّا وتفعيله في النفس، وسبيلًا لترسيخ الخير في عالم الأرض“ (كتاب ”أُمنيتي، هي…“، بقلم ج ب م، ص20).
الخير هو جوهر الإنسان
وإذا ما كان الإنسان مسؤولًا عن ترسيخ الخير في يومياته ليترسخ الخير في العالم أجمع، فما السبيل إلى تحقيق ذلك؟ لا شك في أنّ للخير تعريفات متعددة، والخير كما يعرّفه علم الإيزوتيريك هو ”الدمج الفاعل بين النيّة الصافية والفكر المتفتح والثاقب، في معاملة تعكس جمالية ’إنسانية‘ النفس في الشخصية كتقدير للآخر“، (كتاب ”تعرّف إلى نفسك وإلى ذاتك“، بقلم ج ب م، ص 205). ويقدّم علم الإيزوتيريك في سلسلة مؤلفاته ومحاضراته العامة، منهجًا معرفيًّا ونهجًا عمليًّا يعرّف المرء إلى نفسه، بإيجابياتها وسلبياتها. فيبدأ ”ورشة العمل“ للتخلص من ”قبائل السلبيات“ في نفسه، واكتساب بديلها الإيجابي. فتتحرر النفس مثلًا من التسلط، العنجهية، الغرور، الكره، الخيانة، حب السيطرة، التكبر، التعصب، الانغلاق على أنواعه. وكلّ سلبية في النفس هي نقيض الخير فترسخ ”اللاخير“ فيها، فتكون ”قنبلة موقوتة“ للصراعات على أنواعها.
الخير هو جوهر الإنسان، تربته السلام الداخلي والتوازن الباطني ولحمة مكونات الكيان الإنساني. ينمو الخير مع ثقة المرء بالخير في داخله، ويعمق بالممارسة والتقدير. والخير هو بصمة حقيقة الإنسان، والحقيقة نور يتوهج بإشراقة الوعي الذي يتفتح في دفء الحب، وما الحب سوى ”رسول الخير على الأرض“ (كتاب ”أُمنيتي، هي…“، بقلم ج ب م، ص44).
مع حلول العام الجديد، أتمنى إنسانية مشرقة بالخير الفاعل. وكلّ عام وأنتم بألف خير.