بقلم المهندس
بول أبي درغام
ما من إنسان إلّا وراودته بعض الأسئلة الوجودية التالية، ولو لمرة واحدة في حياته، مثال: ما هو الهدف من الوجود؟ لماذا وجد الإنسان على الأرض وما هو دوره؟
”يُقرأ الكتاب من عنوانه“، عبارة تنطبق على هذا البحث لأنّ الإجابة العامة عن هذه التساؤلات هي ”التطور في الوعي“، كما ورد في العنوان. أمّا ما يلي، فهو إضاءة على هذه الحقيقة…
إنّ الإجابات التقليدية المتوافرة عن مثل هذه التساؤلات مصدرها الفلسفات والأديان، وهي في مجملها إجابات تندرج تحت خانة الـ ”لماذا“، في حين أنّ العلوم انشغلت في البحث عن كيفية تمظهر هذا الوجود، وبالتالي محاولة الإجابة عن الـ ”كيف“. تبقى هذه الإجابات المتوافرة، على تنوع مصادرها وخلفياتها، محاطة بالضبابية والإبهام وذلك لعدم كفاية الدلائل والحجج والمعطيات، بالتالي عدم توافر عناصر الإقناع والترابط المنطقي.
علم الإيزوتيريك يقدم الإجابات…
علم الإيزوتيريك، والذي يمكن اعتباره الإطار الأشمل لتمظهر المعرفة الشاملة، يعرّف المعرفة على أنّها المصدر الجامع للعلوم والفنون والفلسفات والأديان، كما يوضح كتاب ”الإيزوتيريك علم المعرفة ومعرفة العلم“ للدكتور جوزيف ب. مجدلاني، (ج ب م). يجمع الإيزوتيريك بين المعطيات العلمية والفلسفات والمعتقدات المختلفة، ليقدّم الإجابة المناسبة عن مختلف التساؤلات الوجودية.
التطور في الوعي عبر الخبرات الحياتية الفردية والجماعية، الظاهرية والباطنية، المادية واللامادية-النفسية، هو هدف وجود الإنسان على الأرض من أجل تفتيح المعرفة وتحويلها إلى وعي، عبر الخبرة العملية وصقل النفس بالتجارب المختلفة…
الدلائل على ما تقدم كثيرة، التطور البيولوجي للحياة على الأرض هو أولها، تليه أوجه التطور البشري كالتطور المعرفي والإدراكي للإنسان، التطور العلمي، التطور التكنولوجي، التطور الاجتماعي وغيرها من أوجه التطور التي سجّلها التاريخ. كلها تأكيد على أنّ التطور، وبالتالي تفتّح الوعي، هو المنحى السائد للحياة ومخلوقاتها، وهو الهدف الضمني-الفطري واللاواعي (حتى اليوم) للوجود ككل.
يحرص علم الإيزوتيريك على المنحى العملي الحياتي التطبيقي لكل معرفة كي لا تبقى في إطار ”التنظير“. ”التطور في الوعي“ هو إجابة عن سؤال وجودي كبير، لكنّ الأوجه التطبيقية الحياتية لهذه الحقيقة تتفعل في يوميات كل إنسان مهما كبر أو صغر شأنه في الحياة. تتفعل عبر إدخال الوعي الحياتي إلى مفاصل الحياة كافة، بدءًا من تطبيق نظام حياة صحي، وعلاقات اجتماعية متنوعة في ظل الانفتاح على التعلم من الخبرات الحياتية، مرورًا بتحقيق الحب في العلاقة بين الجنسين لما في ذلك من صقل للنفس وإزالة للسلبيات، وصولًا إلى الإتقان العملي والطموح الدائم إلى الإبداع في كل ما يقوم به المرء.
درب التطور المتوازن…
إذا ما ترافق كل ما تقدم مع فهم للمبدأ الأساس أنّ الظاهر، أي المادة وتفاعلاتها، هو تمظهر للباطن، أي اللامادة في الإنسان ومحيطه، تتسرع الخطى على درب التطور ويقترن التطور المادي (أي ما يعرّفه الإيزوتيريك بالتطور ”الأفقي“)، بالتطور الباطني-النفسي (أي ”العمودي“)، والمتمثل باكتشاف المكونات اللامادية للكيان الإنساني والانفتاح عليها وتفتيحها، ويسلك الإنسان درب التطور المتوازن والواعي.
يقدم علم الإيزوتيريك منهجًا متكاملًا وتقنية تطبيقية لتحقيق ما تقدم، مجيبًا بذلك عن السؤال ”من أين؟ إلى أين؟ كيف؟ ولماذا؟“، وذلك عبر مؤلفات الدكتور جوزيف ب. مجدلاني (ج ب م)، وهي متوفرة في ثماني لغات.
يؤكّد علم الإيزوتيريك أنّ الإنسان كيان عظيم وله دور محوري في عملية الخلق ومسار التطور، لكنّه غافل عن هذه الحقيقة وتائه عن المسار القويم. كل سؤال وجودي حول هدف الإنسان ودوره هو صدى الحقيقة الغائرة في لاوعي الإنسان، تطرق باب المدارك في لحظات من الهدوء والصفاء بعيدًا عن صخب الحياة. فليتنبّه الإنسان إلى هذه التساؤلات ولا يستخف بها أو يكبتها لأنّها صوت الباطن يناجيه…