بقلم د. رانيا كفروني فرح
في عصرٍ تتسارع فيه وتيرة التغيرات الاجتماعية والعالمية، وتتشابك فيه الأزمات الإنسانية على نطاق دولي وعالمي، تبرز الحاجة الماسة إلى التمسك بالمبادئ الإنسانيّة كمنارات تهدي السبيل نحو مجتمع أكثر عدلًا وخيرًا وبالتالي أكثر سلامًا.
هذه المبادئ، التي تشمل الكرامة، الحريّة، المساواة، التضامن، الخير، العدل وغيرها من الفضائل الإنسانيّة، ليست مجرد مفاهيم مثالية كما يعتبرها البعض، بل هي ركائز أساس يجب أن تُبنى عليها الممارسات في المجتمعات التي تسعى إلى التقدم والازدهار، بدءًا بالأفراد. لو تفكرنا بعمق، لوجدنا أنّ المبادئ الإنسانية هي تلك المرجعيّة التي تتوق إليها النفس البشريّة في ضوضاء الحاضر وصخب إنسان الزمن الراهن… إذ إنّها تساهم في بناء إنسان أكثر تصالحًا مع نفسه ومع الآخرين، وأعمق وعيًا وفهمًا لمجريات حياته… ممّا يساهم بالتالي في بناء مجتمعات أكثر تماسكًا وتفاهمًا داخليًّا وخارجيًّا.
أوَليس الإنسان نفسه مَن هو بأمس الحاجة للعدل والخير والسلام ليجد السعادة الحقّ…؟!!!
في هذا السياق تعود بي الذاكرة إلى قول Eleanor Roosevelt المأثور ”العقول الكبيرة تناقش الأفكار، العقول الوسطى تناقش الأحداث فيما العقول الصغيرة تناقش الأفراد“، أيضًا إلى ما توسّع به مفهومي من خلال الاطلاع على سلسلة مؤلفات علم الإيزوتيريك بقلم الدكتور جوزيف مجدلاني (ج ب م) مؤسس مركز علم الإيزوتيريك الأول في لبنان والعالم العربي، وتتبّع محاضراته المجانيّة الأسبوعية، حول حقيقة أنّ ”النفوس العارفة والواعية هي التي تحاور في المبادئ وتعتصم بها ليس إلّا، فلا تناقش الأحداث أو الأفراد“… حيث إنسان الإيزوتيريك – إنسان الوعي، هو الإنسان القوي بالمبدأ الإنساني… وحيث المبادئ الإنسانيّة التي تعتصم بها النفس البشريّة ليست سوى استقاءً أو ’وحيًا‘ من فضائل الذات الإنسانيّة. فالنفس البشريّة هي كلّ من الجسد – المشاعر – الفكر، فيما الذات الإنسانيّة هي العقل – المحبة – الإرادة، كما يفصّلها علم الإيزوتيريك في مؤلفاته. (لمزيد من التفاصيل العودة إلى سلسلة كتب الإيزوتيريك بعنوان ”محاضرات في الإيزوتيريك“ بأجزائها العشرة حتى تاريخه)
تطوير الوعي – المبدأ الأساس…
قد تُجمع الأكثريّة على أنّ تطبيق المبادئ الإنسانيّة الآنفة الذكر وغيرها كتطبيق العدل والخير وإحقاق السلام ليس بالأمر السهل، فالعقبات التي تحول دون تطبيقها عديدة، كالنزاعات-الحروب، الفساد، الاستبداد، التمييز، واللاعدل… إنّما الإيزوتيريك يؤكد أنّ تطبيقها ليس بمستحيل… لا بل هو مصير أو قدر إنسان اليوم على درب تطوير وعيه. وإنّما السرّ يبدأ من وعي الفرد حقيقة أنّ ”الإنسان هو المحور دائمًا وأبدًا“، محور مجريات حياته وما يدور من حوله، ونقطة الانطلاق تكمن في الاعتراف بتصرفات الفرد السلبيّة كخطوة أولى، يليها العمل على إزالة السلبية من المسلك وإحقاق التصرف الإيجابي مكانها. أيضًا، على الفرد أن يعي حقيقة أنّ الهدف الأسمى هو تطوّر الوعي الإنساني، فيغدو ’تطوير الوعي‘ المبدأ الأساس لإحقاق المبادئ الأخرى التي تتشعب وتتفرع منه كصون الكرامة الإنسانيّة، والحريّة كحقّ للجميع، إلخ… وذلك من منطلق ما يوضحه الإيزوتيريك بأنّ ”الحريّة إيديولوجيّة وعي“، تتوسع مع توسع وعي المرء، ناهيكم عن الفارق ما بين كلّ من الحريّة الحقّ والفوضى الممنهجة… كما أنّ الكرامة هي وعي وصون لقيمة الفرد – كجوهر إنساني يتميز به المرء، وذلك بغض النظر عن أصله أو وضعه الاجتماعي أو… أو…
أيضًا، يقول الدكتور جوزيف مجدلاني (ج ب م) ”لا يتحقق العدل إلّا إذا ما عَدَلَ المرء مع نفسه أولًا…“، وبذلك يتعلم كيف يعدل مع الآخرين، فتعدل الحياة معه…
ولا يتحقق سلام بين أفراد أو دول ما لم يتحقق السلام الداخلي في الكيان الإنساني…
ولا خير يُرتجى ما لم يكن المرء خيّرًا مع نفسه أولًا…
الحبّ تخصص في الوعي…
ناهيكم عن ’الحبّ‘ و’معرفة الحبّ‘ حيث الحبّ كالوعي، وكالجمال صناعة وتصنيع، لا بل تقنيّة يشرحها ويشرّحها علم الإيزوتيريك في مؤلفاته بقلم الدكتور جوزيف مجدلاني (ج ب م)، وأذكر منها ”تعرّف إلى الحب“، ”المرأة والرجل في مفهوم الإيزوتيريك“، ”هذا الحبّ حبّي“، و”تعرّف إلى نفسك وإلى ذاتك“، حيث الحبّ تخصص في الوعي، وسبيل لإحقاق إيجابيات النفس بدلًا من انفلات ممارساتها السلبيّة (لا سيما الأنانيّة) – الطريق الأقصر لمحبة النفس والآخر فالمجتمع، وبالتالي ممارسة التواضع فعلًا وقولًا وتفكيرًا إلخ… وبالتالي السبيل إلى إحقاق كلّ من العدل والخير والسلام لمواجهة تحدّيات عصر جديد متغير عنوانه ’منطق اللااحتمال‘ أو منطق ’الأحداث غير المرتقبة‘…