العمل الجماعي أُسس ومفاهيم!
بقلم وليد فرح
لا شك في أنّ مفهوم العمل الجماعي مفهوم ايجابي يهدف إلى تكثيف الجهود للوصول إلى النتيجة المبتغاة على النحو الأفضل… فإذا تأملنا في ندف الثلج، على سبيل المثال، نراه هش بطبيعته الفردية لكنه كلما تكاثر وتكثف يصبح صلبًا وقويًا بتماسكه الجماعي ما يؤكد فعالية العمل الجماعي… فما من أمر أكان على الصعيد العملي أو الإجتماعي، السياسي، العقائدي أو حتى الرياضي إلّا وكان للعمل الجماعي وقعًا استثنائيًا في تقدمه ونجاحه…
ترتكز عامةً فكرة العمل الجماعي على امكانية مجموعة محددة العمل معًا لتحقيق هدف معيّن… وغالبًا ما يكون الهدف أهم من الأفراد المشاركة في تحقيقه…
”إن لم يتَّسم العمل الجماعي بحس الأخوة على قاعدة الكل للواحد والواحد للكل تبقى النتيجة ناقصة كخبرة داخلية.“
أمّا علم الإيزويتريك – علم الباطن الإنساني والذي ينطلق من الفرد كمحور في كل شيء يؤكد ان مع أهمية الهدف المرجو تحقيقه فإن لم يتَّسم العمل الجماعي بحس الأخوة على قاعدة الكل للواحد والواحد للكل تبقى النتيجة ناقصة كخبرة داخلية… إذ إن نجاح المرء في التناغم كجزء مع المجموعة لا بد من أن يستند على مدى نجاحه في تحقيق التناغم الباطني كفرد قبل أي شيء… أي بين فكر المرء ومشاعره كتطبيق عملي، وكأحد أبعاد التواصل الفعلي مع الآخرين، ما يؤسس إلى خلق الأرضية الصالحة التي على أساسها تُمَد جسور التواصل الحسي في العمل الجماعي والعكس صحيح… فكلما تباعدت وإختلفت أفكار المرء عن مشاعره، أو طغى أي من البعدين على الآخر في التصرفات الحياتية العملية تفاقمت الهوة الداخلية بين أبعاد النفس وبالتالي ضعفت جسور التواصل بين كل من المرء وأعضاء المجموعة المشاركة كنتيجة طبيعية لعدم التوازن الداخلي على الصعيد الفردي.
فالمطلوب هو العمل على خلق التوازن بين أبعاد النفس كمرحلة أولية تأسيسًا للتناغم العملي ضمن الهدف الجامع الأشمل ما يجعل المشاركة في أي عمل جماعي بعيدة كل البعد عن أوجه المسايسة وحب الظهور… حيث أنّ أسمى مراحل العمل الجماعي هي حين يعطي الأفراد من كليتهم بتناغم تام تجاه الهدف المنشود…
”العمل الجماعي مسؤولية داخلية.“
من جهة أخرى، أوضح الدكتور جوزيف مجدلاني مؤسس مركز علوم الإيزويتريك في لبنان والعالم العربي “إنّ كل ما في الحياة يعاني لتحقيق معادلة الواحد للكل والكل للواحد…” من هنا فإن العمل بصدق ضمن وحدة العمل الجماعي تجاه هدف سامٍ موحد كنواة لتفعيل الوحدة الداخلية – الخارجية أساس لكل من التطور الفردي والجماعي!!!…
فنجاح المرء في المشاركة والتعاون مُنَحيًّا السلبيات الفكرية والمشاعرية والعقائدية والنفسية جانبًا يعني العمل بمنطق الوحدة الإنسانية… فالعمل الجماعي مسؤولية داخلية وليس واجبات عملية تنتهي مع انتهاء العمل المرتبط بها!!!
والحياة كما يشير الإيزوتيريك في كتاب “عاد ليخبر!…” “ليست علمًا وتملكًا وإمتلاكًا وسعيًا نحو مناصب عليا وحسب، الحياة معاملة وتواصل مع الآخرين. الحياة أخذ وعطاء، تبادل وآراء ومعلومات وخبرات وتعاون ومساعدة ومشاركة“، فهل هناك من حقل اختبار أعمق وأوسع مما يقدمه العمل الجماعي فعلًا وتفاعلًا.
”الحرية الواعية هي تلك التي تعطي من نفسها باتحاه الآخرين…“
ما من امرئٍ على وجه البسيطة إلّا ويطالب بالحرية! لكن وراء أي حرية يسعون؟!؟!؟! فالحرية الواعية كما يقول الإيزوتيريك تعني وبكل بساطة إدراك الفرد لموقعه في إطار المجموع أي إدراكه لدوره المتمم لأدوار الآخرين… فالحرية مسؤولية والمسؤولية حرية وكلما كبرت المسؤولية توسعت دائرة الحرية!!! والحرية ليست مطلباً ولا هي حاجة… بل هي طبيعة فطرية في الإنسان، ولا قيمة فعلية لها إن فقدت مقومات كل من التواصل والمشاركة الفعلية مع الآخرين وإلّا باتت (الحرية) أشبه بسجن كبير تتآكله كل من الوحدة والكآبة!!!
الحرية الحقة، الحرية الواعية، هي تلك التي تعطي من نفسها باتحاه الآخرين… وما العمل الجماعي سوى حقل تطبيق الحرية بأسمى معاني الوعي والمحبة!!!