السعادة… واقعٌ أم وهم؟!
بقلم الدكتورة رانيا فرح
السعادة… ذلك الشعور الذي يصبو اليه كل امرئ على وجه البسيطة… منهم من وجدها أو اعتقد أنه وجدها… فيما آخرون أضناهم البحث عنها، من دون جدوى، حتى خالوا أنَّ السعادة سرابٌ ووهم…
تحدّث الكثيرون عنها… وبحثوا فيها… البعض اعتقد أنَّ السعادة تولد مع رفاهية العيش، والبعض الآخر ظنَّ أنَّ السعادة تأتي من الراحة الجسدية… أو من الكسب المالي أو من اشباع رغبات الجسد وأهواء النفس…
لكن ما حقيقة السعادة؟! هل هي واقع، أم وهم وسراب؟! وماذا عن كيفية تحقيقها؟!
”السعادة هي ذلك الفرح العميق الذي ينبثق من مشاعر الرضى الذاتي على أداء المرء في حياته.“
للإجابة عن هذا السؤال، طرحنا السؤال على علم الإيزوتيريك-علم الحياة، فأكدّ أنَّ السعادة أكثر من واقع حياتي.
علم الباطن-الإيزوتيريك يتميز بالدقة في اختيار الكلمات ومعانيها، لأنَّه يتطرق من جملة ما يتطرق الى علم جذور الكلم إذ يميز الإيزوتيريك بين اللذة والسعادة. ففي مفهوم الإيزوتيريك اللذة آنية، هي إحساس جسدي يولد جراء تحقيق غاية مادية ترتبط بإشباع أهواء النفس ورغباتها في معظم الأحيان. أمّا السعادة فهي شعور باطني، ثابت… ينطلق من الأعماق… فهي ذلك الفرح العميق الذي ينبثق من مشاعر الرضى الذاتي على أداء المرء في حياته.
على سبيل المثال، لنتفكر في رجل ثري ينعم برفاهية العيش عبر حياة ترف وبذخ… هذا لا يعني أنه رجلٌ سعيد… فكم من امرئ ثري على استعداد للتخلي عن قسم كبير من أمواله مقابل أيام سعادة وهناء وطمأنينة… أو حتى للتمتع بصحة جسدية ونفسية سليمة. “إنَّ السعادة تصنع كلَّ شيء حتى المال، وليس المال ما يصنع السعادة“. هذا ما جاء في كتاب “هكذا تعرفت الى درب المجد“، ضمن سلسلة علوم الإيزوتيريك التي فاق عددها الثمانين إصداراً حتى تاريخه، بقلم الدكتور جوزيف مجدلاني، مؤسس مركز علوم الإيزوتيريك الأول في لبنان والعالم.
علم الباطن-الإيزوتيريك هو علم حياتي تطبيقي بامتياز. لذلك يقدم تقنية لتحقيق السعادة الحقة في حياة المرء. من بنود هذه التقنية نلقي الضوء على النقاط التالية:
”السعادة تكمن في السعي الى تحقيق الأهداف…“
أولاً- إن أراد المرء فعلاً تحقيق السعادة عليه أن لا يجعلها هدفاً يسعى الى تحقيقه بشتى الوسائل… بل ليجعل من الوعي ومن توسيعه وتعميقه هدفه في الحياة. إذ إنَّ الوعي المتفتح على فهم النفس البشرية وفهم الحياة بأبعادها هو ما يجلب السعادة.
ثانياً-السعادة تكمن في السعي الى تحقيق الأهداف…
ثالثاً-وجود الحب وتحقيق الاستقرار العاطفي في حياة المرء يستولدان السعادة… فالمحبة والحب يوقظان شعور السعادة في النفس.
رابعاً-التجدد في التفكير والقول والعمل في مختلف مناحي الحياة. فالتجدد هو سرّ السعادة الدائمة في عرف الإيزوتيريك.
”لا سعادة من دون وعي…“
إنَّ أهم ما اختبرته كملتزمة بتطبيق علوم الإيزوتيريك في حياتي هو أنَّ توسيع الوعي وتعميقه يجلب السعادة الحقة. إنَّ أولى بوادر ولادة السعادة في نفسي كانت مع تعرفي الى علوم الإيزوتيريك الحياتية العملانية التطبيقية… حين وعيت لأول مرة أن ما من صدفة وما من حظ ولا حتى من موهبة في الحياة…. عندما وعيت أنَّ كل ما يحدث في حياتي هو نتيجة أعمالي… بدأت سعادتي تكبر مع كل ممارسة وكل توسع في الخبرة الحياتية وفي الوعي عبر تطبيق معرفة الإيزوتيريك الحياتية والعملية… حتى باتت سعادتي دائمة ثابتة مهما كبرت التحديات.
أمّا الخلاصة التي توصلت إليها بعد سنوات من دراسة الإيزوتيريك وحضور محاضراته، فهي تتلخص بالتالي:
لا سعادة من دون وعي… لا بل الوعي هو السبب الرئيس خلف السعادة الدائمة.
السعادة تكمن في السعي والجهد لتحقيق الأهداف وليس في الأمل والتلهي.
السعادة يستولدها استخلاص عِبْرة جديدة في كل يوم يمرّ في حياة الانسان، وليس في صرف النظر واللامبالاة.
السعادة تولدُ من محبة الخير للآخرين، وليس من شعور الغيرة والحسد…
السعادة في تحقيق الانفتاح الذهني على كل شيء، وليس في الانغلاق والعناد…
السعادة في العطاء من خبرة المرء نفسه، بهدف إفادة الآخرين…
السعادة أن تتنبّه الى الخطأ نظرياً، حتى تتفاداه عملياً…
السعادة في إزالة الصفات السلبية من النفس، والتمرس في العمل الإيجابي… فالسلبية هي سر وجود الألم في حياة المرء….
السعادة في إدراك نواقص النفس والعمل على تعبئتها…
السعادة هي في فهم المرء لنفسه، والعمل لصالح حياته بما يفيد الآخرين…
السعادة يغذيها الطموح ويضعفها الاكتفاء والقناعة. ففي عرف الإيزوتيريك “القناعة كنزٌ لا يفنى، لكنَّها لا تصنع أبطالاً“….
السعادة في أن ترى الجمال حتى في القبح..
السعادة في أن تلحظ نقطة النور في أحلك الليالي وأوحش الأوقات..
السعادة أن تولد من جديد في رحاب المعرفة – معرفة الانسان العملية التي تقدمها علوم الإيزوتيريك لانسان اليوم في طريقة حياة رائعة.
إنَّ علم “فنّ عيش الحياة” بوعي الإيزوتيريك المتقدم والمتفتح، يؤكد أنَّ السعادة، هي ازدياد الشمولية في كل شيء… الشمولية في الحياة، في المعرفة، في الوعي، في الخبرة… الخ… بمعنى أنْ لا يستنسب المرء أو يحصر وعيه في إطار واحد… أو يحدّ نفسه باختصاص معين… أوثقافته بمنحى محدد… أو خبرته في مجال ضيق… فالشمولية تعني من جملة ما تعنيه أن يعي المرء أي واقع من مجمل أبعاده… هي كنظرة نسرٍ يحلق عالياً، يرى كل ما يدبُّ على الأرض، وما يطير في الفضاء… وما إن يلحظ ما يبغيه حتى ينقض عليه بلمحة بصر..
هذا غيث من فيض الإيزوتيريك الذي لا ينضب معرفة ووعياً. وأخيراً أود أن استشهد بما ورد في كتاب الإيزوتيريك “هكذا تعرفت الى درب المجد“:“السعادة الخالدة هي التي تولد في القلب، وتنبض مع القلب، وتستمر مع خفقان القلب”.