الإيجابية الواعية في مفهوم علم الإيزوتيريك بقلم المهندسة هيفاء العرب
ما هي الإيجابية عامة؟ هل هي الرضى والقبول المطلق بواقع الحال؟
هل هي الاحتواء الدائم للتجارب وما تحمله من تفاصيل مؤلمة أحيانًا؟
كيف يكون المرء إيجابيًّا وواقعيًّا في الوقت عينه؟ كيف يحرص على ضبط إيقاع الإيجابية فلا يسيء إلى نفسه، إذ يقع في وهم الإيجابية البعيدة عن الواقعية؟
الوعي الإنساني طاقة ذبذبية في تفاعل دائم. قد يكون هذا التفاعل واعيًا أو لاواعيًا. لكنّ طاقة الوعي في الكيان لا تشبه نفسها بين لحظة وأخرى، أو بين اليوم والغد… فتطور الوعي هو ميزان الكيان الإنساني، هذا الكيان اللامتناهي الدقة.
الوعي والإيجابية لازمتان، فمتى ابتعدت الإيجابية عن الوعي فُقدت الركيزة الأساس لفهم تجارب الحياة. فالإيجابية المطلقة كالتشاؤم المطلق، كلاهما يؤدي إلى تقلبات نفسية قد تتفاقم حدتها مع التقدم في العمر.
منهج الوعي الذي قدمه علم الإيزوتيريك يقضي بأن يكون الإنسان باحثًا في خفايا نفسه… في هدف وجوده… لأنّ انتفاء البحث يُبعد الفهم عن المدارك وينأى بالوعي عن صاحبه. فالإيجابية الخاوية من الفهم تُختصر بعبارات أو مسلكيات لا يدرك صاحبها تأثيرها في باطن وعيه وحياته، كالدعوة مثلًا إلى اعتماد المرونة بالمطلق حيال أحداث مفاجئة من دون فهم مسبّباتها، أو المغالاة في الأمل من دون أن يحرك المرء ساكنًا لفهم نفسه وحياته، أو انتظار الظروف أن تتغير من دون السعي إلى التجدد في الحياة. وهذه أمثلة قليلة ليس إلّا، لعلّها توضح شأنًا غافلًا في ’موضة‘ الإيجابية السائدة! خاصة أنّ السماء ’لا تمطر‘ إيجابية إذا كانت النفس منغلقة على وعي ما تمثله، ووعي الحياة.
الإيجابية الواعية «اسم على مسمّى»، أي أنّ ركيزتها الوعي. والوعي قد يصعب تبسيطه، لكنّ منهج علم الإيزوتيريك الذي قدمّه المعلّم ج ب م، بسّط المفاهيم لتكون في متناول كل مريد لمعرفة نفسه، لأنّ معرفة النفس هي المدخل إلى الوعي وحجر الأساس في الإيجابية الواعية. فهذه الإيجابية ترتكز على تحليل الأحداث كامتداد بين سبب ونتيجة لفهمها، وعلى تطوير الوعي الفردي بموجب الفهم المكتسب في سبيل مستقبل أفضل، بعيدًا عن الشعارات الرنانة، وما أكثرها.
هذا الوعي لا يمكن اختصاره ببضع كلمات، كما لا يمكن اختصار أي منهج إنساني-علمي بكلمات أو تقنيات قليلة. ولكن، لشرح المفهوم وتقريبه من القارئ، يمكن القول إنّ الإيجابية الواعية تعني أن يكون للمرء هدفٌ جليٌّ في الحياة يصب في مصلحة الخير العام. أمّا محور هذا الهدف فالسعي إلى معرفة النفس، بدءًا من طرح أسئلة بسيطة، تتطوّر وتعمق مع توسع الفهم عبر تطبيق المعرفة عمليًّا في الحياة اليومية، وهذا هو هدف منهج علم الإيزوتيريك. قد يكفي أن يبدأ المرء بالتساؤل؛ لماذا أتعرض لما أتعرض له من تجارب في الحياة؟ أو لماذا تتكرّر تجربة معينة معي؟ وقد يتطرق إلى أسئلة وجودية أبعد منها، مثال؛ لماذا خُلقت في هذا البلد؟ أو لماذا وُلدتُ في هذه العائلة؟ الخ… ومع التقدم في معرفة النفس يكتشف مريد المعرفة أنّ منهج علم الإيزوتيريك يُقدم لكل سؤال جواب…
وحده تطور الوعي يقود إلى الإيجابية الواعية في التعامل مع ظروف الحياة المختلفة. ومن نقطة انطلاق بسيطة تتوسع دائرة الفهم والوعي، ومع الخبرة تصبح هذه الدائرة أسلوبَ حياة تطبيقيًّا عمليًّا متكاملًا، تنتهي بالمرء إلى السعادة التي ينشد.
مقالة رائعة