الإيجابية منهجية داخلية ومسلك حياة بقلم وليد فرح
ما أكثر الإرشادات التي نسمعها عن الإيجابية وأهميتها في الحياة اليومية… وما أكثر البرامج التي تدعو إلى تقوية الإيجابية إن كان على الصعيد الفكري أو المشاعري. وفي هذا السياق تكثر الطرق التي بها تعرّف الإيجابية وهي عامة تتمحور حول أن يتحلّى المرء «بنظرة تفاؤلية» للأمور الحياتية والمعيشية، خاصة عند مواجهة المطبات والعراقيل التي تنغّص حياته. إضافة إلى التركيز على مكامن القوة التي يتحلّى بها المرء، والجوانب التي تحسّن من نفسيته وتفكيره، كالمرونة في التعامل مع الآخرين والمساعدة، إلى ما هنالك من أمور تصبّ في نفس الإطار.
لكن هل يكفي أن يتحلّى المرء «بنظرة تفاؤلية» والتركيز على مكامن القوة، كي تسير حياته في الاتجاه الإيجابي؟ هل يكفي أن ننظر، كما يقال في المثل الشائع، إلى النصف الممتلئ من الكوب؟ وماذا عن النصف الفارغ منه؟ لماذا التغاضي عنه أو الهروب منه؟
إنّ النظرة التفاؤلية للأمور، إضافة إلى أي صفة تقي صاحبها من القيام بردّات فعل خارجية غير مستحبة، أو اتخاذ قرارات متسرعة، أمر أساسي وإيجابي بطبيعة الحال، طبعًا إن اقترنت بإرادة السعى إلى الفهم والتوسع خارج محدودية الموقف، أو الحالة التي يمر بها. والعكس يجعل من «مفعول» تلك الإيجابية «كالمخدر» الذي يخفّ مفعوله كلما مرّ عليه الزمن…
خلال تعمقي في منهج علم الإيزوتيريك، علم الأسباب قبل النتائج، ودراسة النتائج على ضوء الأسباب… انطلاقًا من أنّ الفرد هو المحور في كل شيء. اتضح أنّ ما من إيجابية بالمطلق وما من سلبية بالمطلق أيضًا… فالمعيار يبقى حال فهم ووعي! انطلاقًا من الفرد نفسه وتوسعًا في شؤون الحياة كافة… لذلك ولكي يكون المرء إيجابيًّا تجاه الحياة عليه أن يكون إيجابيًّا مع نفسه أولًا من خلال العمل على النواقص فيها. فتمتلئ بكل من الإيجابية والوعي! فالإيجابية الفعلية تكمن في وعي الجزء الفارغ من الكوب وتعبئته عوضًا عن الهروب منه أو غض النظر عنه!
وكخطوات عملية لاكتساب الإيجابية وتعزيزها في النفس أقدم الآتي:
بداية، وكخطوة أساسية، على المرء الإلمام بمعرفة تركيبة كيانه الباطني. يلي ذلك الخطوات العملية التالية:
- التجرّد في كشف صفات النفس، عبر تسليط الضوء على كل من الصفات الإيجابية والسلبية التي تشوبها، والاعتراف بها.
- ترقّب المواقف التي تتمظهر من خلالها كل من السلبيات الفكرية والمشاعرية التي تتحكم في الكيان خلال الاحتكاك مع الآخرين كالتحايل، الأنا السلبية، العناد، الانغلاق، العصبية، الخ…
- زرع الإيجابية بدلًا من السلبية خلال التعامل مع الآخرين على ضوء التواضع، التسامح، الانفتاح، دفء التعامل، ومحبّة الخير العام…
- البحث لمعرفة الأسباب الكامنة التي أدّت إلى ظهور هذه التصرفات السلبية.
إضافة الى ما تقدم فلنتمعن سويًّا بما جاء في مؤلف علم الإيزوتيريك بقلم الدكتور جوزيف ب. مجدلاني (ج ب م) «تعرف إلى فكرك»، الطبعة الخامسة، في الصفحة 42 والذي يشكل مدماكًا أساسيًّا في فهم الحياة والتعامل معها بكل إيجابية: «استخلصوا العبرة من كل حادثة، أو حدث، أو واقع حياتي… بل اتخذوه مسألة تستوجب التفكير»… «بذلك يُختصر المجهود والوقت، وتنجح المساعي في تحقيق الهدف».
على أمل أن يكون سعينا دومًا نحو الإيجابية الحياتية العملية فلنتأمل بالتالي من كتاب «تعرّف إلى وعيك»، الطبعة الخامسة، صفحة 67 بقلم الدكتور جوزيف ب. مجدلاني (ج ب م): «إنّ الحاجة تنبع من أعماق الإنسان، والحاجة دليل نقص ما، والنقص هو نوع من الفراغ الذي يحتاج إلى أن يعبّأ… فبعدما يعبّأ بما هو إيجابي، يرتقي الإنسان وعيًا أو يسير خطوة إلى الأمام…».
ولتكن الإيجابية شمس وعي تنير درب الساعي إليها!