«الوعي مفتاح الخفايا وأسرار الحياة» بقلم م. بول أبي درغم
الإيزوتيريك علم الوعي، والوعي تجسيد النور، والنور فيض من مصدر النور – الوعي الكلي… فالوعي لغة الكون الجامعة، عبره يتواصل الإنسان مع حقيقته ومع الكون، وعبره يرتبط كل منظور وغير منظور… فهذا ما يعطي الوعي بعده الجوهري، وما يجعله محور الخلق في مختلف أبعاده وطبقاته اللامتناهية…
أرسى علم الإيزوتيريك منهجًا معرفيًّا إنسانيًّا ووجوديًّا، يحوي من الشمولية ما يكفي للتبحر في أبعاد الحياة والإنسان والوعي، واستشفاف التفاعل في ما بين هذه الأبعاد. هذا المنهج ينطوي على مبادئ باطنية عملية، تطبيقها يساعد على فهم الحياة والوجود. هي بمثابة الدليل، أو الخارطة نحو «كنز المعرفة» ، لكن اكتشاف هذا الكنز بحاجة إلى بحث وتنقيب وجهد لاستخراجه…
فهم هذه المبادئ، مبادئ معرفة الإيزوتيريك، وتبنّيها على قاعدة المنطق السامي من جهة، والاختبار والتطبيق العملي من جهة أخرى، يحضّر وعي المرء للتصعّد والارتقاء التدريجي نحو اكتشاف حقائق الذات، أي كلّ ما هو إنساني في كيانه… ويتحقق ذلك فقط إذا ما توافرت لهذه المعرفة صفات الصدق مع النفس وإرادة الخير… فبغير هاتين الصفتين اللتان تشكلان «إكسير الوعي»، تبقى المعرفة معلومات ينتشي الفكر بقوة منطقها، لكنّها لا ترفعه إلى نقاء حقيقتها.
لكل إنسان رصيده من الوعي، يُعرف بمستوى الوعي الفردي. إنّه حصيلة خبراته في مناحي الحياة المختلفة. الارتقاء في الوعي هو تعزيز هذا الرصيد عبر سعة الاختبار وعمق التجربة العملية. فالارتقاء في الوعي عبر التطبيق العملي الحياتي، كما يشرحه علم الإيزوتيريك، هو فهم التجربة الحياتية في بعديها المادي والباطني، الأفقي والعمودي.
الارتقاء في الوعي مفتاح الخفايا وأسرار الحياة، لأنّ الخفايا والأسرار لا يكشفها سوى منطق الباطن في الحياة، حيث الوعي هو «فعل منطق الباطن» كما ورد في كتاب «تعرّف إلى وعيك» للمعلم ج ب م ،.
كيف نفهم عمليًّا وتطبيقيًّا «فعل منطق الباطن» أي الوعي، كمفتاح الوصول إلى حقيقة الذات، وفهم لغز الحياة وكشف الخفايا والأسرار؟
الأمثال الحياتية التالية تعبّر عن المقصود:
- التعامل مع الحياة كسلسلة تجارب هادفة ومترابطة وخاضعة لنظام دقيق، «يسيّره» منطق باطني ذات هدف وحيد هو رفع مستوى وعي الفرد. هذا المنطق يفتّح المدارك على فهم غوامض الحياة، وترابط أحداثها، وإدراك أسبابها، في ظل اليقين بحكمة نظام الوعي…
- التعامل مع كل تجربة في الحياة انطلاقًا من فهم التكوين الباطني للكيان الإنساني، وفهم التفاعلات النفسية المختلفة، وتأثير كل من الفكر والمشاعر والأنا في هذه التفاعلات، ما يسهّل الفهم الباطني ويساهم في تفعيل الوعي.
- استشفاف التواصل مع الباطن بأشكاله كافّة، من أحلام وتأمل وأفكار ملهمة وأحلام يقظة ورؤىً، يملأ فراغات الوعي ويربط حلقات سلسلة الحياة التي تبدو للوعي البشري غير مترابطة، فتتظهّر شيئًا فشيئًا فسيفساء الحياة بأبهى أشكالها…
- وعي مشاعر الحبّ في ضوء مبدأ التكامل بين الرجل والمرأة، الذي استفاض في شرحه علم الإيزوتيريك، يحلّ لغزًا من ألغاز الحياة العديدة. لغز فهم الوحدة عبر الازدواجية…
يقدّم علم الإيزوتيريك صورة شاملة عن الوعي، ويكشف الغوامض التي لا تزال تعتبر الحلقة المفقودة في معرفة علم النفس الأكاديمي… لقد فاقت مؤلفات الإيزوتيريك المئة مؤلف حتى تاريخه وتقدم جميعها منهج علم الوعي من جوانبه كافة. فعلم الإيزوتيريك كنز معرفي ينير الدرب إلى الكنز الحقيقي، المعرفة الكامنة في باطن كل إنسان…
وإذا ما كانت عبارة سقراط «اِعرف نفسك تعرف كل شيء»، تعطي معرفة النفس البشرية مكانتها في حياة كل إنسان، فعبارة «تعرّف إلى وعيك» تشمل معرفة النفس ومعرفة الذات في آن، لأنّ الوعي هو معرفة الذات الإنسانية التي تمّ تفعيلها في بعد النفس البشرية… ويبقى تفعيل الوعي مفتاح الخفايا وأسرار الحياة…